ثقافة وفن

الشاعر عبد الله الأحمدي:  يكون الشعر تنويرياً عندما يكون شعراً ولا يحمل أفكاراً عنصرية

دمعة على جراح الزمن
الجوع والحرب والأمراض والفتن
يئن من وقعها جرح هو اليمن
مطأطئ الرأس جسم لا حراك به
كأنه طاعن قد هدّه الزمن

هذه هي القصيد الأولى في ديوان الشاعر المتميز الشاب عبد الله الأحمدي، وكأنه وضعها كحجر الأساس لما يسكن وجدانه وضميره من هم وطني، يتخلل الكثير من قصائده، وهذه القصيدة التي اقتطفنا أربعة أبيات منها جاءت تحت عنوان "دمعة على جراح الوطن" تعكس شاعرا نبيلا في مشاعره واحاسيسه تجاه وطنه، مثقلا إلى حد كبير بكل ما هو معاش من هموم وأوجاع يومية.

وهي أي القصيدة مفتتح ديوانه الأولى الذي حمل عنوان" حديث الفجر" وهذا ربط دلالي آخر يمكن أن نستشف منه روحا شفافة لدى الشاعر الذي اختار الفجر لكي يكون ناطقا رسميا باسم قصائده، ذلك أن الفجر يحمل رمزية الانعتاق والتحرر من ظلمات الجهل والتخلف والاستبداد، وهذا الأمر يظهر بوضوح في قصيدة أخرى للأحمدي تحت عنوان" فجر أكتوبر" التي جاء مطلعها:

بنورٍ عظيمٍ أضاء المدى
وأنفاس حرٍ سرت موقدا

توهجت يا فجر اكتوبرٍ
فوثَّقت في الأنفس الموعدا

كان لنا السرور أن نستضيف الشاعر المتميز عبد الله الأحمدي في منصة" الفانوس" لنقترب أكثر من النبض الوطني في قلبه، ونتعرف عن وجهة نظره حول الواقع الثقافي والأدبي في اليمن، وكذلك كيف أثر وتأثر الشعراء بالأوضاع المعاشة، وما يمكن أن يلعبوه اليوم من أدوار تنويرية.

عبد الله الأحمدي من الشعراء الشباب المتميزين ..أين ترى نفسك اليوم، أو بمعنى أخر كم المسافة التي قطعتها نحو القمة، وما هي القمة بالنسبة لك..هل مثلا الانتشار أو وفرة القصائد والإصدارات، أو الجوائز أو ماذا؟

لا يمكن بحال من الأحوال أن أقول بأني اقتربت أو وصلت للقمة فالشعر بطبيعته تجارب وفي كل مرحلة يخوض الشاعر تجربة مختلفة مهما كان نضجها فهي تمثل تحدٍ جديد له، ومهما اعتقد الشاعر بأنه قد وصل للقمة فقد حكم على نفسه بالجمود، فليس هناك قمة في الشعر فالشعر عبارة عن تحدٍ مستمر يحفز الشاعر على الإبداع في مسيرة حياته الشعرية.

كيف أثر وتأثر الشعراء بالأوضاع التي تعيشها اليمن؟

أصبح الواقع الشعري متأثرا بالأزمة الحالية التي تعيشها البلاد فالحرب ألقت بظلالها على الشعراء  فغلب على شعرهم الهم العام مترجماً بلغة حزينة، ولكن بدون فقدان الأمل بمستقبل يزيل ما تراكم من غبار سنين الحرب.

إهمال مؤسسات الثقافة للمبدعين أصاب الكثيرين بالإحباط

برأيك لماذا توارى الكثير من الشعراء والأدباء والمثقفين عن الأنظار، تاركين ساحة الثقافة والوعي لغير المؤهلين من الهواة والمدعيين؟

أصبح الواقع المعيشي لدى أغلب المبدعين يشكل هاجساً مؤرقاً لهم وهم بطبيعة الحال امتداد لمعاناة شعب بأكمله، مما جعلهم ينشغلون بلقمة العيش عن الإبداع الحقيقي الذي يتطلب تفرغاً، وأيضا هناك سبب آخر وهو إهمال مؤسسات الثقافة للمبدعين بعدم تسليط الضوء عليهم وتكريمهم والاحتفاء بهم مما ولد الإحباط لدى الكثير.

إذا غاب الدافع الحقيقي الصادق توقف القلم

متى يعجز الشاعر عن الكتابة؟

إذا غاب الدافع الحقيقي الصادق للكتابة توقف القلم، وما سواه هو كلام مصطنع متكلف.

الشاعر نبي قومه وضمير أمته والناطق الرسمي لشعبه

ما هو المختلف في نظرة الشاعر للأوضاع المأساوية المعاشة، مقارنة بنظرة الشرائح الاجتماعية الأخرى؟

الشاعر هو نبي قومه وضمير أمته والناطق الرسمي لشعبه، فهو يرى الأشياء بعين قلبه فحساسيته أعلى من غيره مع امتلاكه المقدرة على التعبير والتي تشكل فارقا كبيرا عن غيره.

هل يخاف الشاعر ردات فعل المجتمع إذ ما خرج عن صندوق المسلمات الدينية والاجتماعية؟

أكيد وبلا شك فنحن بلد مسلم محافظ على عقيدته وعاداته وتقاليده ودائرة الإبداع واسعة جدا ويستطيع أن يبدع الشاعر بعيدا عن المسلمات الدينية والاجتماعية، فليس من مصلحة الشاعر مصادمة معتقدات قومه، فمن احترامه لنفسه احترام من حوله.

 يكون الشعر تنويرياً عندما يكون شعراً ولا يحمل أفكاراً عنصرية

ما مدى استعداد الشعراء للعب دور تنويري وتثقيفي ناهض بوعي الناس اتجاه الكثير من الظواهر السلبية؟

من حيث المبدأ لا يمكن للشعر بوصفه فناً بل أباً للفنون تاريخياً إلا أن يكون تنويرياً لأنه رؤية جمالية للعالم، الشعر يكون تنويرياً عندما يكون شعراً أولاً ولا يحمل أفكاراً عنصرية أو يدعو إلى الكراهية والتعصّب ثانياً، ويكون همّه إنسانياً.

فأرى أن هناك جيل شعري يمتلك الأدوات الكافية للعب هذا الدور التنويري الناهض بوعي الناس خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت تناقل الشعر بصورة أسهل من أي عصر مضى.

ما هي الأغراض الشعرية التي تستهوي أفئدة الناس في ظرفية بلادنا؟

ما يستهوي أفئدة الناس هو الشعر  الذي يلامس شعورهم يناقش قضاياهم يكون بلسما لجراحهم، تقع على الشاعر مسؤولية عظيمة فيجب أن يكون عند مستوى هذه المسؤولية فبعض الشعراء يعيش في برجه العاجي معتكفا حول ذاته الشعرية ويظن أنه بذلك قد أحسن.

أين يضع الأحمدي المرأة في السلم الاجتماعي، وكيف ينظر لواقعها اليوم؟

المرأة هي أساس المجتمع وهي شقيقة الرجل،

الأم مدرسة إذا أعدتتها

أعددت شعبا طيب الأعراق

أصبحت المرأة  تتمتع بحقها في التعليم وصولا إلى العمل والمشاركة في الحياة الاجتماعية، بجانب مسؤوليتها في رعاية الأسرة والبيت.

كيف ينظر الشاعر الأحمدي للواقع الثقافي والأدبي في الجنوب خاصة واليمن عامة، وما هي توصياته؟

الواقع الثقافي الأدبي في الجنوب يبشر بخير فهناك الكثير من المواهب ظهرت في كافة الفنون وخاصة بعد الحرب وكأن الموهبة تولد مع الأزمات، فقد أسست الكثير من النوادي الأدبية الالكترونية وأيضا على أرض الواقع أسس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب الذي يقوم بدور مهم في صناعة وعي ثقافي أدبي بالرغم أننا نصر على بذل المزيد من الجهود لأن الطموح والأهداف أكبر من الواقع الحالي.

الحرية أكسجين بالنسبة للمبدع

ما قيمة البوح وثمنه لدى الشاعر الذي اختار طريقا معاكسا للظلم والطغيان والفساد السياسي والأخلاقي؟

الحرية فهي الأكسجين بالنسبة للمبدع.

ما الذي يمكن أن ننقله عنك لجمهورك كمشاريع وأعمال وخطط قادمة؟

أعكف هذه الأيام على إنجاز أطروحة الدكتوراة والتي من المخطط لها أن تنجز في العام القادم ، كما سيكون هناك إصدار لديواني الثاني في المستقبل القريب بإذن الله.

 

زر الذهاب إلى الأعلى