ثقافة وفن

التدافع على أبواب المعسكرات!

الفانوس-عبد الرزاق الجازعي

ها هي الأقدار تذهب بنا عكس ما كنا نتوقع ونحلم ..لقد سقط الوطن في مستنقع المصالح والحسابات الشخصية، وأصبحنا نعيش في واقع مؤلم ومحزن ومخيف، بعد أن بات جنوبنا الحبيب مثل سفينه تتقاذفه الأمواج من شاطئ لآخر، وإلى اللحظه لم ندرك ما الذي أصابنا ومن عدونا ومن نخاطب ولمن نشتكي وعلى من نثور ..ها هو الوطن يغرق من جديد اجتماعا وثقافيا واقتصاديا وعسكريا ونحن نقف عاجزين عن فعل شيء.

وعلى مدى سبع سنوات عجاف والمواطن يصارع الظلم والفقر والمرض، ولم نلمس أي تغيير أو إصلاح أو تقدم في أي مجال يذكر، وكل يوم والوضع يزاد سوءا والمستفيد الوحيد من هكذا وضع هم عتاولة الفساد الذين يتحكمون بثروات وموارد البلاد، يقابل ذلك صمت غير مفهوم من قبل النخب الثقافية التي نأت بنفسها عن المشهد، واختارت الهامش.

والظاهرة الأكثر خطورة تتمثل في السباق المحموم باتجاه السلك العسكري حتى من قبل حملات الشهادات الجامعية، حيث يتدافع الجميع على أبواب المعسكرات، ففي السنوات الأخيرة تم تجنيد الآلاف من الشباب الجامعيين، فضلا عن أضعافهم ممن لم يكملوا تعليمهم الثانوي، بعد أن صار الواقع أكثر تحفيزا لترك فصول المدرسة باتجاه المعسكرات، ومقابل الف ريال سعودي تنازل الشباب عن طموحهم في التعليم، وذلك يأتي في ظل ارتفاع معدلات البطالة، وانعدام فرص العمل في الجوانب المدنية، وحتى من يعملون في هذه القطاعات كالتعليم والصحة وغيرها بدون رواتب، والمحظوظ منهم يستلم راتب زهيد لا يساوي نصف ما يستلمه الجندي المبتدئ.

هذا الأمر يجدد ما كنا نشتكي منه قبل سنوات، ولا يمكن فهمه إلا في سياق استمرار السياسة الممنهجة لضرب البنية الثقافية والتعليمية في الجنوب، والتي كنا نتفاخر بها سابقا، لكن هذه المرة تحت سلطة جنوبية، ربما يغيب عنها الوعي بأهمية تعليم وتأهيل وتدريب وتطوير الكادر البشري، ربما لأن معظم من يتصدرون المشهد اليوم هم أميون وفقراء معرفة، وربما لأن النخب المتعلمة والمثقفة التزمت الصمت.

زر الذهاب إلى الأعلى